دور ندوة العلماء في الصحافة العربية

الاعداد: أنوار الحق

الباحث في مرحلة الدكتوراه، لدى قسم اللغة العربية بجامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية

(حرم الجامعة بمدينة لكناؤ)

اللغة العربية في الهند:

تتميز الهند بالتنوع الثقافي والحضاري والديني مع وجود اللغات المختلفة من المحلية والوطنية والعالمية، ومن اللغات العالمية، اللغة العربية، فأما اللغة العربية في الهند وهي دخلت الهند منذ دخول العرب إلى الهند تجاراً ودعاةً وفاتحين، بل جاء الإسلام واللغة العربية معاً إلى الهند عن طرق ثلاثة: التجارة، والفتوحات والعلماء الذين تركوا بلادهم واستوطنوا الهند، وبهذه الطرق الثلاثة انتشرت اللغة العربية على نطاق واسع بين سكان هذه البلاد، وكما ذكر في كتب  التاريخ  أن الهنود الذين تشرفوا بالإسلام كانوا يتحدثون مع العرب في لغتهم.

وان اللغة العربية تمتاز بميزات كثيرة من جمالها وبلاغتها وفصاحتها وبوفرة كلماتها وأساليبها وعذوبة منطقها ووضوح مخارج حروفها وكونها لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، قد انتشرت هذه اللغة في العالم كله شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً.

دور ومكانة اللغة العربية في رحاب جامعة دار العلوم لندوة العلماء بمدينة لكناؤ – الهند:

إن جامعة دار العلوم لندوة العلماء هي مؤسسة تعليمية  إسلامية، جاء قرار تأسيسها في السنة الحادية عشرة من القرن الرابع عشر الهجري في حفلة عقدها نخبة من كبار وأهم علماء الإسلام للتشاور في ظروف المسلمين الراهنة، وكان تأسيس ندوة العلماء حاجة ملحة ذلك الوقت، وكان المسلمون حينذاك منقسمين إلى جماعتين أو مدرستين: مدرسة العلماء الربانيين المتمسكين بالمنهج القديم (وهم العلماء الذين لهم علم ومعرفة عن الكتاب والسنة والشريعة المحمدية)، ومدرسة المثقفين (وهم الذين تخرجوا من الجامعات والمدارس العصرية)، وتواجه هاتين المدرستين النزاع الطائفي والمسلكي ذلك الوقت..

وذكر الدكتور سعيد الأعظمي الندوي في كتابه “دور ندوة العلماء في تطوير الصحافة العربية في الهند” أغراض وأهداف تأسيس ندوة العلماء وأوجزها كالتالي:

“ومن أهداف تأسيس ندوة العلماء الرئيسية هو توحيد صفوف المسلمين في الهند وبناء قنطرة بين العلوم الدينية والعلوم العصرية، فقد كان ممثلو هذين النوعين منقطعين بشئونهم لا يلتقون على فكرة واحدة، وحدثت فجوة بين العلوم الدينية والعلوم العصرية، وزعت المسلمين بين طائفتين متعارضتين متخاصمتين، وكانت حركة ندوة العلماء نعمة كبيرة من الله، وفقت إلى سد هذه الفجوة وملئها وإعادة الثقة بين المدرستين والتوفيق بينهما. وفكرة ندوة العلماء قامت من أول يومها على أساس متين من الدين الخالص وإنشاء جيل وسط من علماء الإسلام يحملون الكفاءة التامة لقيادة الأمة الإسلامية نحو الوجهة الصحيحة السليمة التي قررتها الشريعة الإسلامية”[i].

ولندوة العلماء دور كبير في مجال التعليم والتربية، والكتابة والخطابة، وإنشاء المدارس والمجامع العلمية والفكرية في الهند وخارجها، وقامت بتقديم خدمات كبيرة في ترويج اللغة العربية في الهند كلغة حية نامية بتعين الأساتذة المهرة والأدباء البارعين من أهل العرب في اللغة العربية وآدابها كالدكتور محمد تقي الدين الهلالي، والشيخ محمد بن حسين الخزرجي اليماني، والشيخ محمد طيب المكي والأستاذ محمد العربي الهلالي وغيرهم، وبجهود هؤلاء الأدباء والشيوخ أنجبت ندوة العلماء الجيل الأول من المهرة في اللغة العربية وآدابها، وعلى رأسهم العلامة الشيخ أبي الحسن علي الندوي.

ذكر العلامة الشيخ أبي الحسن علي الندوي عن دور ندوة العلماء في تعليم اللغة العربية وترويجها في كتابه “المسلمون في الهند”: “عنيت دار العلوم بصفة خاصة بالقرآن الكريم- الرسالة الخالدة- وتدريسه ككتاب كل عصر وجيل، وعنيت باللغة العربية التي هي مفتاح فهمه وأمينة خزائنه، ووجهت عنايتها إلى تعليم هذه اللغة الكريمة كلغة حية من لغات البشر يكتب بها ويخطب، لا كلغة أثرية دارسة لا تجاوز الأحجار أو الأسفار كما كان الشأن في الهند”[ii].

وأنجبت هذه الدار جيلا كبيراً من العلماء والأدباء البارزين في اللغة العربية وآدابها وفي الدراسات الإسلامية الذين سجلوا أسماءهم في التاريخ الهندي في مجال اللغة العربية، ولا يزال يلعب أبناؤها دوراً كبيراً في تطوير اللغة العربية في هذه الأيام، وفي هذا المقال المختصر لا يمكن لي تغطية شاملة لأبناء هذه الدار، ولكنني أحاول بذكر بعض المشاهير من العلماء والأدباء الذين قدموا بتقديم خدمات جليلة في اللغة العربية، فمن أبرزهم:

  • الأستاذ مسعود عالم الندوي، الذي قام بتأليف العديد من الكتب في مختلف العلوم والفنون، منها “تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند” و”حياة محمد بن عبد الوهاب” وغيرها.
  • الشيخ العلامة أبو الحسن علي الندوي الذي اعترف العرب بفصاحته وبلاغته خاصةً في اللغة العربية، فإن الهند والإسلام واللغة العربية تتجلى كجزء لا يتجزء من خلال مؤلفاته العربية. وعددها يبلغ 177 مؤلفاً عربياً بين صغير وكبير وأهمها: “ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” و”رجال الفكر والدعوة في الإسلام” و”الإسلام والغرب” وغيرها.
  • والأستاذ محمد الحسني كان كاتباً وداعية ومفكراً وصحفياً نابغاً، وله مقالات وتحقيقات متعددة، نشرت في افتتاحيات مجلة “البعث الإسلامي” وفي مجلة “الرائد” الصادرة من ندوة العلماء – لكناؤ. وقد جمعت مقالاته وافتتاحياته في صورة كتاب منها: “الإسلام الممتحن” و”المنهج الإسلامي السليم” و”مصر تتنفس” و”إلى القيادة العالمية” و”أضواء على الطريق” و”مع الحقيقة”.
  • والشيخ محمد الرابع الحسني الندوي الذي أنشأ صحيفة ” الرائد” تصدر في كل شهر منذ عام 1959م. وله خبرة واسعة في مجال التدريس والإنشاء والأدب، ومن أهم مؤلفاته في العربية ” تاريخ الأدب العربي” و” الأدب العربي بين عرض ونقد” وغيرها.
  • والدكتور سعيد الرحمن الأعظمي الندوي رئيس تحرير مجلة ” البعث الإسلامي” الذي فاق أقرانه في كتابته العربية وأسلوبه السهل وألفاظه المحكمة في مجلة ” البعث الإسلامي” ولايزال يكتب فيها، ومن أهم مؤلفاته ” شعراء الرسول في ضوء الواقع والقريض” و ” الصحافة العربية نشأتها وتطورها” ونحوها.
  • الأستاذ واضح رشيد الندوي هو صحافي بارع، كاتب قدير، وأديب أريب، ومترجم ماهر، ذو اطلاع واسع على أحوال العالم الإسلامي ومستجداته الحديثة، وشغل الأستاذ مناصب إدارية وتعليمة عديدة منها: رئيس الشؤون التعليمية بندوة العلماء، والأمين العام لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، وسكرتير المجمع الإسلامي العلمي بلكناؤ وغيرها. ومن أهم مؤلفاته الشهيرة: “الدعوة الإسلامية ومناهجها في الهند” و”تاريخ الأدب العربي (العصر الجاهلي)” و”حركة التعليم الإسلامي في الهند وتطور المنهج” و”فضائل القرآن الكريم” و”فضائل الصلاة على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم”.

الصحافة العربية في ندوة العلماء:

إن الصحافة العربية قد اكتسبت عبر الزمان، بوصفها أداة إعلامية سهلة، ومكانة كبيرة في تكوين الرأي العام وتوجيهه، في إطار التناقضات الإيديولوجية والفكرية، والصراعات والأحزاب السياسية التي تتنازع على السيادة، وكسب الأنصار والأتباع في المجتمع البشري. والصحافة هي وسيلة إعلام معرفي علمي وفكري يوجه الناس إلى اهتمام كبيرفي شتى الحقول والموضوعات. ولهذه الأهمية الكبيرة رأى المسؤولون لدى ندوة العلماء  باصدار الصحف والمجلات العربية بعد قيامها ، كي تساعد في نشر دعوتها إلى نطاق واسع باللغة الأردية في أوساط المسلمين في البلاد الهندية وباللغة العربية في أرجاء الدول العربية، وركزت تركيزاً هاماً على اللغة العربية ، وأوضح  الدكتور سعيد الأعظمي الندوي عن أهمية الصحافة العربية وذكر في كتابه: “الصحافة العربية نشأتها وتطورها” عن الصحافة العربية “عندما رأى المسؤولون عنها أن مهمة رفع مستوى اللغة العربية واعتبارها لغة حية إنما هي حاجة أكيدة للبلاد، وإن هذه الحاجة لا تتحقق إلا بتعريف الصحافة العربية وتعميمها في جو المدارس الإسلامية، فكان صدور مجلة “الضياء” كلسان حال لندوة العلماء تحقيقاً لهذا الغرض وسدا لهذا الفراغ، رغم أن الحالة الفكرية والاقتصادية العامة في البلاد لم تكن تسمح بهذه الخدمة الكبيرة إلا أن رجال ندوة العلماء لم يرضوا بتأخير هذه العملية الصحافية باللغة العربية في هذه البلاد”[iii].

مجلة “الضياء”:

أنشأ الشيخ مسعود عالم الندوي مجلة عربية باسم “الضياء” في شهر مايو عام 1932م، وأصدرت هذه المجلة تحت إشراف العلامة السيد سليمان الندوي والأستاذ محمد تقي الدين الهلالي المراكشي والأستاذ مسعود عالم الندوي الذي قام بتحرير هذه المجلة، وكانت هذه المجلة مجلة علمية أدبية شهرية، لعبت دوراً بارزاً في تطوير اللغة العربية ونشر المقالات والدراسات في العلوم الدينية والعصرية، وحصلت على شهرة فائقة بين أدباء وعلماء الهند والبلدان العربية، ويحكي الدكتور سعيد الأعظمي الندوي عن مجلة الضياء ” انها صدرت ، وذاع صيتها وانتشر ذكرها ونالت في البلاد رواجا لائقا وحظوة طيبة لا بأس بها، وهي التي عرفت مسلمي الهند إلى العالم العربي تعريفاً صحيحاً، وهي التي نفت عن قلوب العرب ظنهم الخاطئ عن مسلمي الهند في اللغة العربية وآدابها حتى اضطرّ علماء العرب وأدباؤهم إلى مدح علماء الهند والثناء على اطلاعهم الواسع على اللغة العربية أدباً وفناً واعترفوا بفضلهم في هذه الناحية”[iv].

وأشاد كثير من علماء العرب بهذه المجلة العلمية، لأن هذه المجلة ظهرت في الوقت الذي كانت اللغة العربية تعاني الجمود والركود في البلاد الهندية. وكتب الدكتور محمد أيوب تاج الدين الندوي في كتابه”دليل الجرائد والمجلات العربية في الهند”: عن مجلة الضياء ويقول: “كانت مجلة “الضياء” مجلة علمية أدبية تعليمية اجتماعية، تصدر في منتصف كل شهر عربي أي كانت شهرية، وأشاد بها القراء في داخل الهند وخارجها وخاصة في البلاد العربية لأنها كانت من رائدات الصحافة العربية في الهند، وظهرت في الوقت الذي كانت فيه لغة الضاد تعاني الجمود والركود في الهند، وكانت الكتابة فيها مجموعة المحسنات اللفظية والمعنوية متأثرة بطريقة الكتابة السائدة في البلدان العربية، ونشرت المقالات ذات الأهمية في مختلف المجالات بلغة بسيطة يفهمها الجميع. وفي الوقت نفسه كان الكتاب والأدباء والمفكرون والصحفيون العرب يحاولون الكتابة باللغة السهلة المباشرة حتى يفهمها العامة والخاصة من الجمهور على السواء، ويبدو هذا الأثر واضحاً على مجلة “الضياء” من حيث الأسلوب. ولعبت مجلة “الضياء” دوراً مؤثراً في نشر اللغة العربية بين سكان الهند جميعاً”[v].

مجلة “البعث الإسلامي”:

أسس الأديب الموهوب محمد الحسني منتدى أدبياً باسم “المنتدى الأدبي” وأصدر من طرفه مجلة “البعث الإسلامي” بمساعدة زميله الدكتور سعيد الأعظمي الندوي والدكتور محمد اجتباء الندوي، هكذا ظهرت جريدة علمية ذات درجة عالية في تاريخ الصحافة الإسلامية العربية في لكناؤ الهند، في شهر أكتوبر عام 1955م، وتصدر هذه المجلة برئاسة التحرير الدكتور سعيد الأعظمي الندوي إلى يومنا هذا.

ومن أهم أهداف هذه المجلة – كما ذكرها الدكتور سعيد الأعظمي الندوي وهي كالآتي:

  • رفع مستوى اللغة العربية والأدب العربي في الهند.
  • توثيق الصلات الأدبية والثقافية بين المدارس في الهند.
  • إنشاء روابط ثقافية بين طلاب المدارس العربية وشباب العالم العربي.
  • توجيهات رشيدة للطلبة في الدراسة والتعليم.
  • بعث الروح الإسلامية والأدبية في الشباب.

ونالت هذه المجلة التقدير والإعجاب بين العلماء والأدباء في الأوساط العلمية والأدبية والفكرية، واشتهرت ببحوثها ومقالاتها العلمية والفكرية في الدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي من حيث المستوى العلمي والأدبي والانتشار حتى قدمت أمام العالم العربي والإسلامي فكرة سليمة ولغة سهلة، لذلك حصلت على قبول حسن في الدوائر الأدبية والإسلامية في الهند وخارجها، وتدل مكانة هذه المجلة على كتابة رئيس تحرير مجلة “الرابطة الإسلامية”.

والقاء على الضوء على قيمة وأهمية “مجلة “البعث الإسلامي” يذكر الدكتور سعيد الأعظمي الندوي: أن مجلة ” البعث الإسلامي” التي تصدر باللغة العربية من الهند كمجلة إسلامية شهرية تدافع عن قضايا المسلمين وتذود عن مقدساتهم، أكثر من عشرين سنة وهذه المجلة تواصل أداء دورها الإسلامي الكبير وتحافظ على نقاء الفكرة وأصالة المضمون وصدق الكلمة ونزاهة الحرف وبقيت تكافح كل التيارات المعارضة وتنافح عن الإسلام ومبادئه”[vi].

وإن هذه المجلة العربية الوحيدة الهندية التي توزع إلى سائر البلاد العربية من جزيرة العرب ودول الخليج وبلاد الشام وسائر البلاد الأفريقية الناطقة باللغة العربية، وهذا الفضل يرجع إلى هذه المجلة العربية الهندية الوحيدة وإلى ندوة العلماء فقط.

صحيفة “الرائد”:

وهي جريدة نصف شهرية تصدر باللغة العربية من ندوة العلماء منذ يوليو عام 1959م، أسسها صاحب الفضيلة  الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي – رحمه الله تعالى-، وصدرت هذه الجريدة لتدريب الطلبة على الكتابة والخطابة والمحادثة ونشر المقالات والأخبار والأنباء العلمية والأدبية والثقافية باللغة العربية الفصحى، ويكتب الدكتور سعيد الأعظمي الندوي عن هذه الصحيفة : ” أن هذه الصحيفة تهتم بنشر الأخبار والأنباء العلمية والأدبية والثقافية التي كان أهل البلدان العربية الإسلامية يطلعون بها على سير التعليم والتربية والاعتناء باللغة العربية وما يجري في هذه البلاد من أوضاع التعليم والتربية والظروف الثقافية والسياسية وما إليها”[vii].

وتقوم جريدة الرائد باهتمام كبير في تربية الذوق العربي لتعلم اللغة العربية في الطلبة، وتشجيعهم على الكتابة وممارسة الصحافة العربية الإسلامية، ونشر المقالات الأدبية الفكرية والدينية المختلفة باللغة العربية، وبسبب مقالاتها الرائعة في الموضوعات المختلفة من خدمة اللغة العربية، ودفاع الإسلام بأسلوب سهل رائع، نالت مكانة كبيرة عند الأدباء والفضلاء في الدول العربية والإسلامية، وأشاد كثير من الأدباء والكتّاب  بآرائهم القيمة ، كما يكتب الدكتور إسحاق أحمد فرحان من الأردن: “أدعو الله لكم بالتوفيق والنجاح، وجزاكم الله خيراً أسرة “الرائد” عن مجلتكم الإسلامية الغراء التي تؤدى خدمة جليلة في خدمة الإسلام والمسلمين أسأل الله لكم دوام التقدم والفلاح”[viii]. وكذالك يكتب سيد عفيف محمد بن علي من الجزائر: “يسرني أن أقدم إلى حضرتكم كل تقديري وجزيل شكري وإلى كل العاملين في مجلة “الرائد” على المجهود الذي تقدمونه إلى الراغبين في معرفة الحقائق وكل الشبهات التي تدور حول الإسلام”[ix].

وخلاصة القول إن هذه الجريدة قامت بتقديم خدمات مشكورة  في تطوير اللغة العربية ونشر المقالات المختلفة، وتشجيع الطلاب والباحثين المسلمين باللغة العربية في الصحافة العربية الهندية.

مجلة “النادي العربي”:

تصدر هذه المجلة منذ عام ثمانية وتسعين وتسع مأة وألف من الميلاد من قبل أعضاء النادي العربي بدار العلوم ندوة العلماء، وهي مجلة سنوية، يكتب الطلاب المقالات العلمية والأدبية والثقافية باللغة العربية في هذه المجلة، وكذلك يصدر الطلاب مجلات جدارية شهرية للنادي العربي تحت رعاية لجنة الصحافة للنادي العربي.

ميزات صحف ندوة العلماء وخصائصها:

إن الصحافة العربية الإسلامية الصادرة من ندوة العلماء قد نجحت في تحقيق أهدافها وأغراضها في تقديم المواد القيمة والبحوث النافعة والدراسات الإسلامية والعلوم الدينية والعصرية، وعرض الأفكار الإسلامية السليمة في المجتمع البشري، وتقديم الدعوة الإسلامية أمام العالم كله، ودفاع الإسلام عن حملات الكفار والمشركين، ونقد الأفكار والنظريات المنحرفة والزائفة، وتشجيع الطلاب والباحثين والدارسين المحبين باللغة العربية وآدابها، وتقديم المعلومات الكافية النافعة عن الشخصيات الإسلامية الكبيرة والسلف الصالح، ورفع مستوى اللغة العربية والأدب العربي في الهند، وربط العلاقات الأدبية والثقافية بين المدارس الإسلامية في الهند، ونقل الحقائق والأخبار والأنباء العلمية والأدبية والثقافية إلى الدول العربية والإسلامية.

آراء الأدباء والأكاديميين عن الصحف والمجلات العربية الصادرة من ندوة العلماء:

وإن هذه الصحف والمجلات العربية الصادرة من ندوة العلماء كلها تتميز بالخصائص والمزايا البارزة، وعبر الدكتور سعيد الأعظمي الندوي  انطباعاته عن مجلة “البعث الإسلامي” قائلاً: “ان هذه المجلة تتميز بالجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الجمع بالعلم الواسع والإيمان الراسخ، وهي تعتمد على الدعوة الإسلامية وعرضها على جميع الطبقات المتعلمة في جميع أنحاء العالم، ذاك أنها قائمة بأهداف غالية في مجالات العلم والدعوة والفكر والأدب، ولولا أن هذه المجلة كانت لسان حال الدعوة الإسلامية، وحاملة لرسالة ندوة العلماء في جميع أنحاء العالم بكامل الإخلاص والتوخي لمرضاة الله تبارك وتعالى”[x].

وإن مجلة “البعث الإسلامي” تتميز بالمزايا والخصائص الكثيرة، ومن أهم الخصائص المهمة كما ذكرها الدكتور سليم الرحمن خان الندوي في كتابه “الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها” وهي:

  • هي لسان حال الدعوة الإسلامية ومن حصاد القلم المسلم الجري في وقت أخرست فيه الألسن في البلاد العربية والإسلامية.
  • سلامة الفكر وعدم الانحراف فيه وتقديم صورة صحيحة للإسلام.
  • الكتابة في أسلوب قوي حديث جذاب، والتزام آداب الصحافة المعاصرة.
  • الاعتناء بشؤون البلاد العربية خاصة والتعليق عليها.
  • نشر البحوث القيمة مع عدم الانحياز الفكري، فإنها دائما تنشر بحوث شخصيات الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية وجماعة التبليغ ومدرسة ديوبند ومدرسة أهل الحديث في الهند.
  • تعريف البحوث القمية التي لا تزال تصدر باللغتين الأردية أو الإنجليزية ولا يطلع عليها القارئ العربي بسبب اللغة.

وإن هذه المجلة تمتاز بأسلوب سهل ولغة سهلة كي يفهم الطلاب والباحثون والدارسون لغة الضاد بدون صعوبة كما نحن نواجه المشكلة الكثيرة في العبارات الكبيرة والاصطلاحات الصعبة والأساليب المشكلة في الصحف والجرائد والمجلات العربية الصادرة من البلدان العربية، ولكن هذه الصعوبات لا نجد في الصحف والمجلات العربية الصادرة من ندوة العلماء، لهذا السبب الرئيسي يعترف العرب والعجم بأهميتها وخصائصها وميزاتها القيمة، ويقول الدكتور أمير ناصر الدين اللبناني عن مجلة “الضياء”: “في مدينة لكهنؤ مجلة عربية اسمها “الضياء” ينشرها الأستاذ المفضال السيد مسعود عالم الندوي مطبوعة على الحجر مشتملة من البحوث الإسلامية على كل مفيد، هي أصح لغة وأروع أسلوباً من أكثر الجرائد والمجلات التي تنشر في الأقطار العربية”[xi].

ويقول الكرملي صاحب مجلة “لغة العرب” في رسالة كتبها إلى رئيس التحرير لمجلة “الضياء”،: “سيدي الجليل، ألقبكم بالعلامة وإن كنتم في حداثة السن، وليست العبرة بالعمر، إنما العبرة بالعلم، أرى في مجلتكم أنها تردم ثغرة واسعة في الأدب، وعسى أن يكتب لكم النجاح في مساعيكم”[xii].

ويقول الدكتور سعيد الأعظمي الندوي عن دور صحيفة “الرائد” في اللغة العربية والتعريف بندوة العلماء إلى العرب حيث يقول: “هذا يوم كانت هذه الصحيفة ملكا شخصيا ولكنها سرعان ما تحولت إلى ندوة العلماء التي اتخذتها وسيلة لعرض النشاط الإسلامي والعربي على البلاد العربية والتعريف بندوة العلماء إلى العرب الذين كانوا لا يعرفون عنها شيئا، ومن ثم كان دور هذه الصحيفة في مجال الصحافة العربية في الهند دوراً مشرفاً وموضوعيا ومخلصاً”[xiii].

وخلاصة القول إن هذه الصحف والمجلات العربية الصادرة من دار العلوم بندوة العلماء قدموا اسهاما كبيرا في نشر تعليم اللغة العربية وترويجها، والمقالات والبحوث الرائعة في الموضوعات المختلفة في اللغة العربية، ونالت كل التقدير والاحترام من العلماء والأدباء من الهند والبلاد العربية والإسلامية.

ولندوة العلماء دور بارز واسهام كبير في ترويج ونشر اللغة العربية في الهند في مجال الخطابة والصحافة والإنشاء وغيرها، وتعطي اهتماما بالغا إلى تعليم هذه اللغة وترويجها مقابل اللغات الأخرى، وتركز هذه الدار تركيزاً كبيرا على نشر الصحف والمجلات العربية لكي يمكن للطلبة والباحثون لنشر انتاجاتهم العلمة والأدبية، وممارسة الكتابة في مجال الصحافة العربية الهندية، وهكذا تخدم الصحافة العربية في الهند الى يومنا هذا بحمد الله تبارك وتعالى     

 

+++++

 

الهوامش:

[i]  دور ندوة العلماء في تطوير الصحافة العربية في الهند، الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، ص: 13.

[ii]  المسلمون في الهند، أبو الحسن علي الحسني الندوي، ص: 139.

[iii]  الصحافة العربية نشأتها وتطورها، الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، ص: 50.

[iv]  المصدر السابق، ص: 51.

[v]  دليل الجرائد والمجلات العربية في الهند، الباحث الرئيس محمد أيوب تاج الدين الندوي، ص: 98.

[vi]  مجلة البعث الإسلامي، ج 24، عدد 2 شوال عام 1399هـ. نقلاً عن الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها، الدكتور سليم الرحمن خان الندوي، ص: 304.

[vii]  الصحافة العربية نشأتها وتطورها، الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، ص: 66.

[viii]  الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها، الدكتور سليم الرحمن خان الندوي، ص: 308.

[ix]  المصدر السابق، ص: 309.

[x]  الصحافة العربية نشأتها وتطورها، الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، ص: 64.

[xi]  مجلة الضياء، ج 4، عدد 8، شعبان 1354هـ. نقلاً عن دليل الجرائد والمجلات العربية في الهند، الباحث الرئيس محمد أيوب تاج الدين الندوي، ص: 99.

[xii]  مجلة الضياء، عدد ذي الحجة عام 1351هـ. نقلاً عن الصحافة الإسلامية في الهند تاريخها وتطورها، الدكتور سليم الرحمن خان الندوي، ص: 245.

[xiii]  دور ندوة العلماء في تطوير الصحافة العربية في الهند، الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، ص: 33.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *